إنه كتاب في "خرائطيّة" الرواية، وأستعمل هذه الكلمة بمعناها الحرفي، أي سفر وتجوال في بلاد مختلفة الأهواء. حتى الكتاب الذين أتناولهم ينتمون إلى مدارس وتيارات فكرية وأدبية وأسلوبية متنوعة. لم أستطع التعلق مرة بنمط كتابي واحد. وأكثر ما يدهشني قدرة البعض على الانحياز إلى أسلوب محدَّد، لدرجة أنه يصبح من محازبيه. هل بهذا المعنى يكون الأدب نوعاً من إيدولوجيا والقرّاء رجال ميليشيا؟ أعتقد أن أكثر ما قتل الأدب هو هذه "العقيدة" التي تعلَّق بها البعض.
أربعة و عشرون رواية من تلك البلدان المظللة في الخريطة شرقا و غربا و شمالا و جنوبا. من أصقاع مختلفة و ثقافات متباينة لرواة بعضهم حلق عاليا حتى وصل لنوبل و بعضهم لا يزال مغمورا في عالمنا العربي يمتعنا إسكندر حبش بتلك التوليفة المنتقاة بعناية من رحلته بين الكتب لأعوام عديدة .
ماريو يوسا – ساراماجو – موراكامي – باتشين – باموق – دان براون – ليسكانو – مولينا – يرجوفيتش – كالينسي – ألبير قصيرى و غيرهم من الكتاب اللذين أبهرونا بحكاويهم و خيالاتهم و قضاياهم الفكرية و معاركهم الإنسانية. يحلل و يلخص و يحكي تفاصيل حول الحكاية و ينتقي شذرات من الأعمال و لمحات من حياة الأدباء في جو جودرييدي بامتياز و كأنه معنا يتحفنا بمراجعاته القيمة و ملحوظاته الرائعة.
على هامش الحكايات نجد كافكا على الشاطئ التي أمتعت الجميع واستعصت على الفهم في الوقت نفسه كعادة موراكامي إلا أن المفاجأة هنا أنك ستجد تفسيرا منطقيا لتلك الرواية الغرائبية.
الكتاب ليس نقد أدبي ثقيل الظل و إنما دردشة صديق و خواطر قارىء يفهم و يعي و يكشف ببصيرته ما عمي عن الأخرين.
كتاب ينطلق به إسكندر من العناوين التي ارتآها سمةً بارزة في أعمال الكتاب الأربع وعشرين الذين ضمهم هذا الكتاب المثير فعلاً. هي قراءة كما قد فصّل ذلك إسكندر نفسه أسفل العنوان الرئيسي للكتاب " حكاية الحكايات " ثم قراءة في روايات معاصرة. لا أحسبه حينما تنقل جغرافياً ابتداءً من أمريكا اللاتينة مروراً بأوروبا ثم أفريقيا وشرق آسيا ثم أمريكا يتحيز لأي طابعٍ يسم تلك الأعمال جغرافياً ولا حتى أدبياًحينما جمع هذا الكم الهائل من الكتاب الذين لا يتبعون مدرسة واحدة أو فن مشابه وقريب لبعضهم، بل هي مدارس مختلفة، وأساليب متفرقة ولا شك. أحببتُ من خلال نبذه الجميلة، ولغته المتينة بعض الحجر التي سلَّط عليها ضوءه أكثر من بعض الحجر، هذا مجازٌ طبعاً. شغفتُ أن أقرأ للألماني غونتر غراس وخصوصاً روايته في خطو السرطان، تلك التي تتحدث عن تاريخ ألماني حُرَّم نبشه، أو تُعُمَّد تجاهله، حينما مات آلافٌ مؤلفة في سفينة حربية كانت تقل جنوداً ولاجئين أيضاً إبان النازية فيما أذكر. كما أني وددتُ أن أطلع على عملٍ أيٍ كان عو للكاتب الصومالي نور الدين فارح الذي حورب في بلده كثيراً ومنعت كتبه أن تنشر فيها، مثله مثل أغلب الكتاب الذين عرض لغم في هذا الكتاب؛ دائماً هم شوكة عالقة في حلق السلطة، هذا قدرهم رغم أنهم لا يريدون ذلك قطعاً، ومنهم الإندونيسي براموديا أناتا توير، والصيني الذي أقام في فرنسا با تشين. شغفتُ أيضاً بالتركي باموق، لم أقرأ عنه شيئاً؛ ولعل ما كتبه عنه إسكندر كان عرضاً رائعاً. تحدث إسكندر الذي لا أعتقد أنه يرى روائياً عربياً بارعاً إلى الآن ـ من خلال حديثه في هذا الكتاب البسيط عن تقدمنا في هذا الفن ـ أقول تحدث عن روائي عربي واحد مصري فرنسي ألبير قصيري، حتى إن كتاباته كانت بالفرنسية؛ لذا لا أظنها عربية وإن تحدث في كتاباته عن البيئة المصرية وشأن المهمشين بها. كنتُ أود وأنا أقرأ هذه القراءة الرائعة أن أكون ملماً بأغلب هذه الكتابات التي علق عليها، حتى أقف على الجمال أكثر، ورغم ذلك فالكتاب إعلانٌ أدبي رائع يستحق المطالعة. ولا أنسى أن أشكر الصديق فهد الفهد إذ أهداني هذا الهدية الرائعة حقاً. شكراً من القلب.
كتاب يكشف عن ذائقة ووشغف كبيرين وعمل جبار في البحث . جعلني كنتيجة لقراءته اضع على قائمة الكتب التي أنوي قراءتها كتابا لكل كاتب ذكره تقريبا . شكرا لإسكندر حبش على هذا العمل ، و اتمنى ان تحل مثل هذه الاعمال الشبه موسوعية التثقيفية مكان الروايات الرديئة التي تتكاثر كل يوم .
"إننا لانكتب الروايات كي نروي الحياة وإنما كي نحولها مضيفين إليها شيئا ما "
" لم تكن الكتابة عنده سوى هذه الحياة التي يتنفسها كانت وسيلته ليبقى متماسكا ليعيش وقد عاش"
نبذة عن الكتاب 🔍: الكتاب عبارة عن مقالات او كما قال عنها المؤلف بورتريهات لكتّاب في أجزاء من سيرهم الذاتية ولبعض أعمالهم الروائية نشرت هذه المقالات في صحيفة " السفير" اللبنانية على فترات متباعدة مختلفة حيث نجد القسم الأكبر من هؤلاء الروائيين قد ترجمت أعمالهم إلى العربية. .
رأيي📝: تعرفت على أدباء ونتاجهم الأدبي، بعضهم لم اقرأ له من قبل وحتى أن كثير من الأسماء أقرأها لأول مرة،تعرفت من خلاله على كارلوس ليسكانو وروايته "عربة المجانين - سيرة سجين" وعن نور الدين فارح الكاتب الصومالي كما تعرفت على براموديا أناتاتوير الكاتب الاندونيسي وروايته الهارب والعديد من الأدباء المعروفين أمثال يوسا وباموق وموراكامي وساراماغو فهو يعطيك معلومات عن بعض الأدباء الغربيين وسيرتهم ومسيرتهم الأدبية، يشعل فيك الرغبة بالقراءة أكثر ومعرفة أكثر عن الأدباءونتاجهم الأدبي تمنيت أنه يكون أكثر من ذلك