في التاسعة من العمر راودتني تلك الفكرة القوية والغريبة، لماذا يميل الناس إلى إزهاق أرواحهم حينما يتملكهم اليأس، ولا يصنعون مركبهم الخاص من الأشجار المحيطة بنا، من الطبيعة حولنا، رمث يدفعون به إلى أقرب بحر أو محيط، ثم يبحرون به إلى شتى بقاع الأرض؟ أليست هذه ببيئة جديدة وقطعًا مغامرة جديدة. أيًّا كان السبب الذي يدفعهم إلى الانتحار، فما هو إلا سبب لحظي يتعلق بالموقف الحالي أو مشاعرهم الآنية، فلو أنك ستموت على أي حال، فلماذا لا تفعلها بطريقة خاصة لا يترتب عليها مصيبة في آخرتك، لِمَ لا تفعلها بطريقة تولد تجربة جديدة تبعث فيك روحًا جديدة وتنفض عنك للأبد تلك الفكرة بخوضك في المجهول؟ إنها فكرة غرسها بداخلي معلمي دون قصد منه حينما شرع في قصِّ مغامرات سندباد علينا. هل أنا أصغر من أن تدور تلك الأفكار في خلدي؟ فما بالك إن كتبت هذه الرسالة الماثلة بين يديك، وألقيت بها في عرض البحر، ولا أثر ليابسة من حولي؟ ها أنا بعد أربع سنوات أستحضر صفحات من تاريخ لم يسطر بعد؛ لأحوِّلَ الفكرة إلى واقع. لا أعرف على أي شاطئ سيلفظها البحر، إذا عثرت عليها وكنت تقرأ هذه الأسطر، فاعلم أن هذا خط يدي، وأني متجه إلى الفصل التالي المجهول من حياتي، أنا خالد، وهذه قصتي.
مترجم وروائي، صدرت له روايتيّ، «رأس البر» (2023) و«ترانيم الدجال» (2024) عن دار شفق الكويتية. ومن أهم أعماله المترجمة (مت فارغًا - خرافة النباتية - إنديورانس - اغتصاب العقل - ثعابين في بذلات العمل - إذن بالشعور - موت الخبرة - التعافي من الاعتداء المستتر - رغد العيش - سأعلمك كيف تصبح ثريًا - عقل فوق العقل - الغوريلا الخفية - الازدهار بعد التقاعد). وروايات مترجمة منها (المرأة في المقصورة العاشرة) و(حياة نينا هيل المولعة بالكتب) و(شهادة زور) و(في غابة حالكة الظلام) .
• الرواية: رأس البر • المؤلف: عمر فايد • الناشر: دار شفق الكويتية • عدد الصفحات: 136 صفحة • التقييم: ★★★★☆ • السرد: السائد أن تكون الرؤية السردية إحدى ثلاث: - الرؤية من الخلف، والراوي يروي عن الأشخاص والأحداث. - الروية مع، أو المصاحبة، والراوي شخصية من الشخصيات. - الرؤية من الوراء، وفي الغالب تجمع الرؤيتين السابقتين، وهذا هو نمط الراوي كأنه لا يعلم بعالم الرواية، وهو نوع من التمرد وكسر النمطين الأولين، و(رأس البر) في هذا الاتجاه. الرؤية السردية ذاتية وحديث مونولوجي، والراوي ذاتي، شخص يحكي قصته، ثم في الجزء الثاني استلم الرواية شخص آخر، سرد موضوعي راوي يحكي عن فهد، ثم يحكي عنهما معاً. الرؤية السردية في الرواية لديك تمرد على القواعد المألوفة، وهذا طبعاً يدخل في دائرة الفن والإبداع. • الحبكة: أتقن المؤلف عمله وجعل الأحداث متتالية ومتسارعة دون إخلال ببناء القصة فجعل العمل مشوق والمغامرة واقعية. تستحق دراسة نقدية وافية وتحليل نفسي، لأنها تصور الذات الإنسانية وإرادتها وقدراتها، وتزاحم رواية همنغواي (الشيخ والبحر.) • بناء الشخصيات: يسبر الكاتب غور الشخصيات ويكشف لنا ما يعتمل في نفوسها بمشرط عجيب، يكاد يجعلك تلامس بعض المواقف لتجد لها صدى في نفسك وتشعر أحيانًا بالتماهي أو تقمص الشخصية، حيث تدمج داخل ذاتك دوافع واتجاهات وسمات لدى أبطال الرواية أحيانًا. • بناء العالم والأماكن: ما أوصل نجيب محفوظ للعالمية هو كتابته عن البيئة المحيطة به من حواري ومقاهي وعامة، وما جعل بناء الرواية محكمًا أن الكاتب نفسه من دمياط فرصد لنا رأس البر كأنها رَأيَ العين. وأضفى عليها طابع خاص بوصفه الدقيق والمتقن للظواهر الطبيعية فيها. • التفاصيل (ملائمتها مع جو الرواية): • الأحداث: خالد شاب يافع يتيم قرر خوض مغامرة عمره بعد أن ضاقت الدنيا في عينيه، سعيًا وراء هدف زرعه بداخله معلمه دون قصد منه. فقرر الإبحار بقارب من صنعه على غرار سندباد من مدينة رأس البر إلى مدينة أحلامه، البندقية، ليواجه مع سعيه هذا وفي رحلته تلك تقلبات وتغيرات وأحداثًا يشيب لها الولدان ولم تكن لتخطر على باله. الرواية جذابة من الغلاف إلى الغلاف بلا مبالغة، انتهيت من قراءتها في يومين لتتابع الأحداث العجيبة والجميلة التي ترغب في معرفة نتائجها، وسأرغب في قراءتها بتروي مرة أخرى على تطبيق أبجد الذي صدرت عليه مؤخراً. • النهاية: أنتقص نجمة من العمل بسبب النهاية الغريبة والمفزعة بعض الشيء، والتي لا يصح الإفصاح عنها هنا، لأترك للقارئ –الذي قد يخالفني في تقديري– حرية الرأي ولا أفسد عليه أحداثها الممتعة.
هي رواية تعيد للنفس طبيعتها وفطرتها، إذ تحوي رسائل ونصائح لشحذ النفوس وتقوية عزيمتها بديلاً عن كتب (روايات) – صبيانية - لا تبث إلا الضعف والوهن في نفوس الشباب، وتأخذهم في رحلات لا همَّ لهم إلا العيش في خيال عاجز لا يغني ولا يسمن. فإننا نحتاج إليها لبناء جيل صامد وواعٍ في مهب معارك الحياة الغربية وأفكارها المنحرفة. إنها نصائح واقعية ورسائل حياتية خرجت من مشكاة تضئ الطريق لشداة الفلاح والساعين نحو توازن بين العقل والقلب بعيداً عن أهواء النفس. سمِّها ما شئت من أنواع الروايات أو الكتب التوعوية، ولكن سطورها كُتبت بعناية شديدة على غرار كتاب مثل (أيها الولد) للغزالي، ومغامرات كالتي جاءت في (حي بن يقظان) لابن طفيل. ومأخذي على الرواية أن الراوي سرد رسائل الرواية وأفكارها المتمثلة في نصائح (المعلم) جملة واحدة في بداية الرواية، فيظن القارئ أنها ليست رواية بل هي كتاب من نوع الخواطر أو الرقائق الدينية، أو كتاب فكري غير روائي. فكان من الأفضل أن يوزع هذه الرسائل في معرض أحاديث البطل مع نفسه أو مع غيره، أو حسب الموقف الذي يتعرض له. ولكن هذا الرأي لا يقلل من قيمة الرواية وأحداثها أو رسائلها. والخاتمة غريبة .. سنكملها في الجزء الثاني (ترانيم الدجال)
أتممت قراءة رواية "رأس البر" في يوم واحد، ولا أخفي إعجابي بشخصية خالد، الفتى اليتيم الذي يلاحق أحلامه كالطائر الحر واضعًا هدفه نصب عينيه ويسعى له بالعمل الجاد والكفاح المستميت، أحببت أنه لم ييأس في كل مرة يواجه فيها الفشل، سواء من أصحاب العمل الذين آذوه أو حتى من الباعة المتجولين. إصراره الشديد على خوض مغامراته الخطرة كان مثيرًا للإعجاب.
كما أعجبت بشخصية فهد، القوي الشخصية، المغامر، وصاحب القرارات الحاسمة. كانت علاقتهما معًا مميزة للغاية!
بالنسبة لي، تمثل الرواية ضربًا من ضروب الخيال، إذ لا يمكن لمراهقين أن ينجوا في المحيط فقط بقارب نجاة وبضع معلبات! وإن كنت سأتحدث بالخيال، فقد استمتعت بمغامرتهما، بأحاديثهما والمياه الزرقاء التي تحيط بهما، وتمنيت أن أعيش مغامرة كتلك.
فقط، الرواية قصيرة وتتناول مغامرات المراهقين خالد وفهد. الأحداث سلسلة وسريعة، والألفاظ متناغمة. لكن النهاية كانت غريبة وغير متوقعة، وليست مقنعة. لو كانت النهاية مأساوية أو حتى سعيدة بشكل خيالي، لربما اقتنعت بها أكثر من هذه النهاية. لذا، لا أظنني سأقرأ للكاتب مجددًا.
رواية غريبة كفكرة وكأحداث بس جميلة وممتعة فيها جزء ممل بسيط وكنت ناوي اديها ٣ نجوم لحد ما جه الجزء الثاني منها وكان في شخصية واحداث بسيطة فالكويت وانا الكويت من اقرب البلاد لقلبي لاني اتولدت وكبرت فيها فترة كبيرة من عمري وهنا كان تويست الاحداث كمان اللي خلتني عايز اعرف ايه اللي هيحصل أسلوب الكاتب جميل حتى النصايح اللي بين السطور متقدمة بشكل حلو اوي ومحترم
رواية للكاتب عمر فايد - وقد رشحها لي الكثير من الأشخاص بمواقف مختلفة فجعلتها أمامي وها أنا أقرأها!
لغة الرواية هي الفصحى سرداً وحواراً - اللغة إنشائية وتقريرية وسردت الكثير من المعلومات عن الحياة والدين والأخلاق - وهو ما لم أجده لطيفاً في رواية أدبية! كما أن بعض الأحداث والمواقف شعرت أنها غير واقعية!
القصة عن ذلك الفتى الذي توفى والداه فعاش في ملجأ وتتلمذ على يد أستاذ فاضل علمه الكثير وشجعه على القراءة والتحصيل ثم سافر وابتعد، مما أدى لبطلنا الشاب بالهروب من الملجأ ليواجه الحياة بصعوباتها وقسوتها!
النهاية عجيبة الصراحة ولم تكن متوقعة - وهذا ليس فقط لربطها بشيء خارج المعقول ولكن لأنها أضعفت الرواية وجعلتها غير منطقية!
مبارك أستاذ عمر حقيقة هذا العمل من الأعمال التي استمتعتُ بتدقيقها، لغة جميلة وحبكة قوية، وهو من الأعمال التي تشع طاقة إبداعية تبعث على الإمتاع، ولن تخبو لاتصالها بالطبيعة الإنسانية أنا سعيد إذ ظهر عملك الذي دققته لغوياً، أنصح باقتناء الكتاب سريعا وقراءته مجد القادري/ مدقق لغوي
مع أننا نجهل أصول «ألف ليلة وليلة» غير أن الناس اعتادوا فيما مضى نسبَ القصة إلى المكان البعيد، فأهل القاهرة نسبوا مؤلفها إلى بغداد، وأهل بغداد نسبوه إلى القاهرة؛، لأن المكان البعيد يولد الخيال دومًا؛.. فلتدع العنان لخيالك.