ملت إلى مسار الطريق الأيمن بهدوء، حاذيت رصيفاً كبيراً يطل على براح، براح ممتد يكاد يتصل مع الأفق رغم سلسلة الأودية التي اقتطعت منه مساحات وافرة. أوقفت السيارة وأطلقتُ رجليَّ، لا أدري أين مكاني؟ غشاوةٌ على عيني، على إدراي بما كنتُ أفكر أو أشعر على وجه التحديد! كنتْ منطلقاً بلا هدى. أرفع طرف ثوبي وأمشي. تسيل من بين أقدامي بقايا أمان لا أتذكرها. تسقط كذلك أوجه آلفتها على الأرض، كدتُ أعثر بها لولا أن تقدِّمتُ وخلَّفتها ورائي. للحظاتِ لم أتبيّن شيئاً. يتناهى إلى سمعي هدير السيارات التي تنعطف من حولي إثر تحويلة مرورية إلى اليسار، خشيت لوهلة على نفسي. أفزعتني فكرة ابتعادي عن السيارة، مقدار المسافة بيني وبينها، العلاقة التي تربطني بها بالضبط في ذلك الوقت، شعور الانتماء المفاجئ الذي زاد ذلك الفزع زخماً. تُرى ما الذي تركته فيها هناك؟