Ehab mohamed's Reviews > الإنسانوية: مقدمة قصيرة جداً

الإنسانوية by Stephen Law
Rate this book
Clear rating

by
17208145
's review

did not like it

مراجعتي هذه متحيزة غير موضوعية وغير منصفة على الاطلاق...لماذا؟! لأن التحيز هنا عين الانصاف وعدم الموضوعية هو عين العدل... فإذا كان الكاتب متحيزا غير موضوعي غير منصف فلا تطلب مني الموضوعية والانصاف.

يمكن تسمية الكتاب بالالحادية الإنسانوية، فالإنسانوية هنا ما هي إلا مذهب إلحادي يحاول انتشال الإلحاد من العبثية وغياب المعنى واضفاء معنى أخلاقي عليها من خلال تسفيه حجج التأليهيين وادعاء عدم النسبية الأخلاقية للملحدين، ويمكن تخيل إلحاد بدون إنسانوية ولكن بحسب الكتاب لا يمكن تخيل إنسانوية بدون إلحاد أو على الأقل لاأدرية، وإن ادعى الكتاب إن هناك دينيون إنسانويون فإنهم لا يكونون ذلك إلا إذا صاروا علمانيين خاضعين لمباديء الإنسانوية لا العكس.

ولكن قبل أن نستفيض في الحديث؛ ما هي سمات الإنسانوية بحسب الكاتب؟: هي منظومة فكرية تضع القيم والكرامة والمفاهيم الإنسانية في المركز وسماتها الأساسية هي : العقلانية والعلموية، الإلحاد أو اللأدرية، عدم الإيمان بأي شيء وراء المادة والطبيعة أو بحياه آخرى، الإيمان الشديد بأهمية الأخلاق غير المرتكزة على وحي أو كتب دينية او ذات مصدر إلهي، وأن الحياة ممكن أن يكون لها معنى بدون الله وأخيرا الإنسانوية علمانية لا تمنح المشاعر الدينية قدسية أو أهمية خاصة.

الكتاب من أوله لآخره لا يخلو من نبرة أغلبية الملحدين المتعالية النرجسية التي تنظر للدينيين على أنهم مخبولين يؤمنون بكائنات خرافية لا تقل في خرافيتها عن بابا نويل والجنيات والأشباح وأزيد من عندي أبو رجل مسلوخة، وأنه لا مانع من السخرية من مشاعرهم الدينية التي هي في رأيه لا تزيد عن مشاعر مشجع لفريق كرة قدم أو مشاعر منتمي إلى حزب سياسي، وأن وجود فلاسفة أو علماء مؤمنين لا يعني صحة اعتقداتهم السخيفة.


في الواقع كان يمكنني أن أكون أكثر انصافا إذا قدم لي الكاتب أي شيء إيجابي بخصوص الإنسانوية، ولكن في الواقع كل ما قدمه الكاتب هنا إنسانوية سلبية كاللاهوت السلبي الذي تكلم عنه.

ففي مسألة معنى الحياة وبعد أن قدم بزعمه أدلة تضحض أن الدين أو وجود الإله ضروري لمنح معنى للحياة كنت أنتظر بشغف ما هو معنى الحياة الذي ستقدمه الٱنسانوية ولكن في النهاية فاجئني أنه (مفيش معنى محدد) وإن الإنسانوية - لا مؤاخذة متعرفش ولا الإنسانويين يعرفوا معنى محدد للحياة ولكن ده ميمنعش إن احنا نعيش حياتنا وبلاش نفكر كتير في الأسئلة الكبيرة ديه اللي ممكن تشغلنا عن ما هو أهم! ويختم الكاتب فصل معنى الحياة بعد أن هدم بزعمه أن الحياة لا يكون لها معنى إلا بوجود الله بهذه الإجابة المبهرة عن معنى الحياة " قد يشعر بعض القراء بخيبة الأمل لأنهم لم يعرفوا حتى الآن الإجابة الإنسانوية على السؤال الذي كان محور هذا الفصل ( ما الذي يجعل الحياة ذات معنى؟) الحقيقة أنه لا توجد إجابة إنسانوية محددة "

أما في مسألة الأخلاق وبعد أن قدم أدلته التي تهدم بزعمه الأساس الإلهي للأخلاق والذي من ضمن أدلته أنه إذا لم يكن قبل الإله أخلاق ثم جاء الإله وحدد ما هو الأخلاقي وغير الأخلاقي فإن اختياره هذا سوف يكون تعسفيا غير مبنى على أساس موضوعي واختياره لما أخلاقي هنا لن يكون أقل تعسفية من اختياري أنا أو اختيار أي فرد لما هو أخلاقي أو غير أخلاقي ! .. اه والله العظيم ديه حجة من الحجج .. ده على أساس إن الإله هنا زميل في الجامعة أو فيلسوف منافس.

ولكن ما هو الأساس الأخلاقي الموضوعي الذي تستند عليه الإنسانوية؟! للأسف أيضا لا يوجد أساس أو منبع وحيد يعتمد عليه الإنسانويون ! فمنهم من هم نفعيون يرون أن الأخلاقي هو ما يسبب أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من البشر (تعظيم اللذة وتقليل الألم ) ومنهم براجماتي يرى أن الأخلاقيات غير ثابتة ولكنها نتيجة للتغيرات المجتمعية وأن الأخلاقي هو الذي يحافظ على روح الود والتسامح بين الشعب وأن الأخلاق تتغير بتغير الشعوب، ومنهم من يلجأ لنظريات أخلاقية فلسفية مثل الفضيلة لدى أرسطو أو نظرية الواجب لدى كانط ... والمهم لديه وما يميز الإنسانوية في نظره في مسألة الأخلاق هو ألا تكون الأخلاق مرتكزة على أساس غير مادي أو روحاني أو للكتب المقدسة بل تكون خاضعة فقط للعقل وما يؤيده العلم ويوافق الاستدلال الشخصي ويزيد من رفاهية الإنسان. وبالرغم من كل هذه المادية والعلموية والعلمانية أجده يصدمني بهذه الجملة في تبريره للحس الأخلاقي لبعض الإنسانويين " رغم أن الإنسانويين لا يؤمنون بالآلهة وغيرها من الفاعلين فوق الطبيعيين، فقد لا يزالون يفترصون وجود حقائق أخرى غير الحقائق الطبيعية" ..


ولكنه مع ذلك ومع تعديده للمصادر الأخلاقية للإنسانويين يدعي أن أخلاق الإنسانوية ليست نسبية وأن الإنسانويين ليسوا نسبيين وذلك بالرغم من قوله نصا " فإن لم تكن هناك نظرية عامة لمنظومة الأخلاق يجب أن يتبعها الإنسانويون، أو يجب عليهم اتباعها، فماذا إذا يميز منظومة الأخلاق الإنسانوية؟ في حقيقة الأمر ما يجعل وجهة نظر أخلاقية تتصف بأنها إنسانوية ليس محتواها بقدر ما تكون الطريقة التي تم بها التوصل إليها"

والكاتب يرى أنه " لا مفر من لعب دور الإله" لأنه بزعمه الدينيون يفعلون ذلك أيضا ...

أما في الفصلين الطويلين جدا اللذين اتخذهما أولا لتسفيه حجج التأليهيين وثانيا لدعم حجج الملحدين وفي ختام رده على أن المؤمنين الذين حجتهم كما لا يمكن للمؤمن أن يثبت بشكل قطعي وجود الله فإن الملحد لا يمكنه اثبات عدم وجود الله بشكل قطعي، اعترف بأن هذا صحيح وأن الملحد لا يمكنه نفي وجود الله بشكل قاطع كما لا يمكنه نفي وجود بابا نويل أيضا بشكل قاطع أو أي كائن خرافي آخر ... وفي الواقع لا أعلم من هم مليارات البشر الذين يؤمنون بوجود بابا نويل ويبذلون حياتهم في سبيله ويقدمون أدله على وجوده لكي ينفي هو أو يثبت!

وفي الفصل الآخير تكلم الكاتب عن المراسم الإنسانوية في الزواج والوفاة واحتفالات البلوغ وقال عنها أنها ليست مراسم دين بديل .. لا سمح الله... وإنما هي استجابة لمشاعر إنسانية كان الدين يسد حاجتها ثم حلت هذه المراسم محل الدين لتشبع هذا الشعور الإنساني! بل أنه يزعم أن هذه المراسم قد تكون أكثر روحانية من المراسم الدينية ولا أعلم من هي روحانية التي يتكلم عنها كاتب لا يؤمن سوى بالمادة.

في النهاية ما هي الإنسانوية؟! الإنسانوية هي (عدم) وجود الله، (عدم) وجود منبع أخلاقي غير مادي أو إنساني وتعدد المنابع الإخلاقية المادية ومع ذلك يزعم الكاتب أن الأخلاق غير نسبية..(وعدم وجود الإله يستتبعه أن الإنسان مجرد مادة أيضا ).. هي الشك والتفكير النقدي، هي (عدم) وجود معنى غير مادي أو غير طبيعي للحياة مع تعدد لا نهائي المعاني المادية... .ببساطة هي عدم وعدم وعدم ... لا أكثر وأعتقد أنها سوف تفشل في انتشال إضفاء أي معنى على الإلحاد.
13 likes · flag

Sign into Goodreads to see if any of your friends have read الإنسانوية.
Sign In »

Reading Progress

January, 2017 – Started Reading
2017 – Finished Reading
December 8, 2017 – Shelved

Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)

dateUp arrow    newest »

message 1: by نجد (new)

نجد مراجعة وافية، أذكر عندما كنت أناقش بعض من يحاولون فصل الأخلاق عن الدين كانوا يتخبطون بمسألة مصدر الأخلاق؟ إما يقولون الأخلاق مصدرها العقل وهذا شيء يدخله النسبية خصوصاً أن العقلاء قديماً على سبيل المثال كانوا يعتبرون الوضع المتدني للمرأة والرق شيئاً أخلاقياً، فكيف إذن نحل هذه المعضلة؟ مالذي يجعل عقل لبرالي القرن 21 أفضل من عقل إنسان العالم القديم؟ .. وإما يقولون الأخلاق مربوطة بقاعدة عدم الضرر وهذه أيضاً قاعدة ذات ثغرات فمن الذي يحدد الضرر هنا؟ ولماذا علي أن أسلّم بتعريفه للضرر؟


back to top