يا لها من قصة! كنت متشوقة للقصة بعد أن اكتشفت بالصدفة أنها بذرة الفلم المثير للقشعريرة الذي شاهدته قبل سنوات عديدة. القصة أجود، خصوصا أن الزوجين فيها يا لها من قصة! كنت متشوقة للقصة بعد أن اكتشفت بالصدفة أنها بذرة الفلم المثير للقشعريرة الذي شاهدته قبل سنوات عديدة. القصة أجود، خصوصا أن الزوجين فيها كانا في شجار دائم، وعدم توافق وخوف من انتهاء الزواج، على عكس الفلم الذي -حسب ما أتذكر- صورهما زوجين متحابين. لا أتحدث عن الخواء الذي تحس به وأنت تسير معهما في البلدة المهجورة بشكل غريب، تصوير ستيفن كينغ لا يعلى عليه. المحبب في القصة هو الجو الأمريكي الخالص، لن يحدث هذا السيناريو إلا في أمريكا، حيث الطرق السريعة اللانهائية، والبلدات المتباعدة المتناثرة. على الطريق السريع -الهاي وي- تعزل عن العالم، ولا يصلك به إلا كومة الصفيح المسماة بالسيارة، هذا مرعب كفاية، لو تعطلت سيارتك أو نفذ منك الوقود يقضى عليك غالبا. أتمنى أن أزور أمريكا وأختبر هذه التجربة المقلقة للطرق السريعة.
ملاحظة جانبية: تأثر أحمد خالد توفيق بستيفن كينغ واضح كالشمس، أتذكر قصته أسطورة حسناء المقبرة حاول تقريب الطرق السريعة الامريكية للطرق في الريف المصري....more
أحد الطرق لتحقيق الانضباط الذاتي هي العقاب أو التهديد، ولابد أنها من اكثر الطرق فعالية. بطل قصة شركة المقلعين المحدودة، يقلع عن التدخين تحت تهديد السلأحد الطرق لتحقيق الانضباط الذاتي هي العقاب أو التهديد، ولابد أنها من اكثر الطرق فعالية. بطل قصة شركة المقلعين المحدودة، يقلع عن التدخين تحت تهديد السلاح بالمعنى الحرفي. تختطف زوجته إن دخن سيجارة، يعتدى على ابنه، يهدد بالسجن من جهة ذات سلطة. هكذا سيترك التدخين، وتتغير حياته للأفضل، والغريب أنه سيحب حياته تلك، ويسعد بها، وإن كان يعيش حرفيا تحت التهديد؛ ذلك أن الوصول للانضباط الكافي ليس بنفس السهولة على الجميع، أنا شخصيا أعاني من هذه المسألة، جعلتني هذه القصة أفكر في نفسي لو كنت مكان البطل، سأسعد! ...more
Meh .. عادية ونمطية، أشباح واستحضار عفاريت، هل يفترض أن نخاف من تعويذة غير مفهومة الكلمات؟ على أن حبكة الأخ المقتول هنا هي ذاتها في الشيء، وطبعا الحكايMeh .. عادية ونمطية، أشباح واستحضار عفاريت، هل يفترض أن نخاف من تعويذة غير مفهومة الكلمات؟ على أن حبكة الأخ المقتول هنا هي ذاتها في الشيء، وطبعا الحكاية والجو اللذان يخلقهما ستيفن كينغ هما ما يجعلان كل ثرثرته مسلية....more
إن قراءة هذا الجنون متعة خالصة، فتصور مشاهد شاذة مثيرة ندرك أننا لن نختبرها يوما، تضفي على رتابة الأيام إثارة دافئة. أنا مثلا، واثقة أني لن اضطر للمشيإن قراءة هذا الجنون متعة خالصة، فتصور مشاهد شاذة مثيرة ندرك أننا لن نختبرها يوما، تضفي على رتابة الأيام إثارة دافئة. أنا مثلا، واثقة أني لن اضطر للمشي على إفريز ناطحة سحاب تحت تهديد السلاح، لكن ستيفن كينغ دفعني للتفكير جديا في ما سيكون عليه الوضع ساعتها، حين كتب هذه القصة، بضمير المتكلم، عن لاعب التنس العاشق، وعن الضابط غريب الأطوار ذي النزوات الشاذة في التعذيب، وفي ما لو باغتتني حمامة وأنا على حافة الهاوية، حتى لكأني أحسست بلسعة الريح الباردة......more
"شاحنات" إحدى قصص المجموعة القصصية الغنية وردية الليل. الفكرة رائعة، رعب معاصر، إنسان القرن الواحد والعشرين لا تخيفه العفاريت، بل الآلات، وتقلقه العلا"شاحنات" إحدى قصص المجموعة القصصية الغنية وردية الليل. الفكرة رائعة، رعب معاصر، إنسان القرن الواحد والعشرين لا تخيفه العفاريت، بل الآلات، وتقلقه العلاقة بين الإنسان والآلة، تخيفه لحظة التحول الرهيبة حين تنتقل السلطة للآلات. لسبب مجهول، تنهض الشاحنات في إحدى المقاطعات الأمريكية، في وعي جماعي، تسحق وتهدم وتتعاون. ولأنها قصة قصيرة، لا مجال للتفاصيل والإسهاب. فيها بعض السطحية في التعامل مع الخطر، والكثير من اللاعقلانية بطبيعة الحال، ساءني التمثيل المريض للنساء في القصة، حيث الفتاة متعجلة عاطفية، خفيفة العقل، لا يعتمد عليها، وهذه ليست المرة الأولى مع كنغ....more
يتعدى ستيفن كينغ حبكات الرعب التقليدية، فيحكي أفكارا جديدة معاصرة، تثير القشعريرة، في تعاضد بين الخيال العلمي والرعب النفسي. قصة "أنا المدخل" من المجميتعدى ستيفن كينغ حبكات الرعب التقليدية، فيحكي أفكارا جديدة معاصرة، تثير القشعريرة، في تعاضد بين الخيال العلمي والرعب النفسي. قصة "أنا المدخل" من المجموعة القصصة وردية الليل تناقش حالة مخيفة لحد بعيد. ماذا لو فقدت السيطرة على جسدك أو جزء منه؟ ماذا لو استعمر كيان غريب راحتي يديك؟ إن تحويل الحميم لتهديد، الجسد لعدو هنا، هو ركيزة هذه القصة المتقنة، وهو الإبداع فيها. وقصة كتبت للتسلية ربما، يمكن أن تفتح حوارا ممتدا، حول الإرادة والحرية والوعي. وها هنا قوة الأدب....more
أطول القصص القصيرة في مجموعة وردية الليل. وهي من نفس عالم الرواية أرض سالم، الصادرة عام 1974.. قصة رعب اعتيادية للغاية، بلدة تفنى بسبب لعنة ذات منشأ شاأطول القصص القصيرة في مجموعة وردية الليل. وهي من نفس عالم الرواية أرض سالم، الصادرة عام 1974.. قصة رعب اعتيادية للغاية، بلدة تفنى بسبب لعنة ذات منشأ شاذ، شياطين وتدنيس، قبو مرعب، جدران تئن.. لم تثر اهتمامي ؛ إذ لم تتخط الرعب الانفعالي المباشر، بالمواجهة المباشرة مع دلالة الرعب؛ إلى الرعب النفسي الأصعب....more
في عالم العمارة يرتبط اسم المعماري السويسري بيتر زمثور بالاتموسفير " الجو" Atmosphere. حسنا، ربما نظير له في الأدب ستيفن كينغ. أتحدث عن الأجواء، الروحيفي عالم العمارة يرتبط اسم المعماري السويسري بيتر زمثور بالاتموسفير " الجو" Atmosphere. حسنا، ربما نظير له في الأدب ستيفن كينغ. أتحدث عن الأجواء، الروحية ، التي يقتنصها كينغ في قصصه. هذه المجموعة القصصية كتبت في السبعينات، وقد نجحت في نقل روح عصرها، حدث ذلك بكل سلاسة وعدم تكلف، يتمتع بهما كينغ على الدوام. إذن، السبعينات في الولايات المتحدة الأمريكية. ولايات ماين -مسقط رأس كينغ، نبراسكا، نيويورك... ويصدف أني أسمع موسيقى جاز كلاسيكية بالتزامن مع قراءة الكتاب. ولا أعلم سبب مشاعر الحنين لماض لم أعشه. لكن التفاعل العاطفي الشديد الذي أحدثته قصة مثل (أطفال الذرة) تجربة رائعة. ولو اختزلت صفحات الكتاب الخمسمئة في مشهد واحد، لاخترت أن يكون نقاش الزوجين المتوتر، في سيارة على الطريق في نبراسكا، بعد أن ضلا الطريق.
وقصة (أطفال الذرة) هي أفضل القصص في هذه المجموعة المثيرة للاهتمام، التي تضم عشرين قصة قصيرة، تتراوح بين السيئة والممتازة. قصتان كانتا تابعتين لرواية أرض سالم لم أتفاعل معهما على الإطلاق، ربما هما موجهتان لقراء الرواية الأصلية. يتصدر الكتاب مقدمة غاية في اللطافة تحدث فيها كينغ عن الرعب، ولماذا يكتب ويقرأ، وقد اختبر في هذه المجموعة الظريفة العديد من الأفكار المثيرة، كالخيال العلمي، والرعب النفسي، بالإضافة لحبكات الرعب التقليدية. القصص الضعيفة هي الأكثرية، لكن جودة القليل من القصص شفعت للكتاب ككل.
الأداء الصوتي بديع، ووفر الكتاب التسلية التي كنت أرجوها، وذلك النقل لعالم خيالي آخر بعيدا عن واقع القلق الدراسي.
حينها برقت فكرة الاتصال بأولمان في ذهنه بجذل شديد. لكن لماذا؟ اتهمته ويندي ذات مرة، أيام الشرب، بأنه يفضل تدمير ذاته لأنه ليس لديه الدافع الأخلاقي الل
حينها برقت فكرة الاتصال بأولمان في ذهنه بجذل شديد. لكن لماذا؟ اتهمته ويندي ذات مرة، أيام الشرب، بأنه يفضل تدمير ذاته لأنه ليس لديه الدافع الأخلاقي اللازم ليحقق موته تماما. لذلك يفتعل مواقف للآخرين ليقوموا هم بهذا، وفي كل مرة يقتطع جزءا من نفسه وعائلته. أهو هكذا حقا؟ أيكون في أعماقه خائفا من أن يكون الاوفرلوك هو تحديدا ما يحتاج إليه لينهي مسرحيته. ليستجمع خراءه معا عموما وينهي الأمر؟ أ.كان يسلم نفسه؟ أرجوك ربي، لا تجعل الأمر هكذا. أرجوك.
وحيدا مع طفلك وزوجتك، معزولا عن أي تواصل مع بشر آخرين، مفلسا، في فندق غامض، مع جو سيء، ومحاربة إدمان الكحول، وضغط لاتمام عمل إبداعي بدأته. أتعتقد أن تدخل الاشباح ضروري ليدفعك للجنون؟ هذا جاك تورانس العتيد وهذه قصته، قصة صراعه مع نفسه ومع العالم القاسي اللامبالي في مسرح فندق الاوفرلوك الرائع. جاك الذي لم يستطع التوصل للسلام الداخلي مع ضغوط الحياة، فكان في النهاية كالغلاية التي انفجرت وأودت بحياته.
نجوم الرواية اثنان، جاك والاوفرلوك. شخصيتان بتاريخ مثير للاهتمام. ولعل أجمل المشاهد في الرواية هو عندما يتصفح جاك كتاب القصاصات الذي يحكي ماضي الفندق المريب. يتعرف على الاوفرلوك ويفتتن به. تذكرت مادرسته في النظرية المعمارية، عن الظاهراتية، الفينومينولوجيا.. للاوفروك طاقة مكان عالية، وحضور استثنائي، ما ورائي فعلا. ذكريات كالرواق المقابل للغرفة 217، وضجيج المصعد، والمطبخ المليء بضروب السكاكين، وقاعة الرقص. تغير الحكايات التجربة الادراكية. هناك فرق بين قاعة الرقص قبل أن تحكي قصتها، وقاعة الرقص بعد أن تحكي عن الحفلة التنكرية اللانهائية التي تجري فيها. هكذا ببساطة بعد أن يتشبع جاك بالحكايات عن الفندق سيكون لديه استعداد نفسي لمعايشة تجربة استثنائية في القاعة، يطلق العنان للاوعيه ليترأس الحفلة، وتطفو أفكاره في حلم يقظة جامح، يغازل فيه رغباته الممنوعة بالشرب، وأفكاره العنيفة الشاذة.
لا أرى في البريق رواية خيالية ماورائية، بل دراما نفسية لم تكن الماورائيات محركها إنما الكرزة التي توضع على الكعكة لتزيدها حلاوة. وهي رواية مكتوبة بمهارة فائقة، وجديرة بكل جائزة نالتها. حبكة متقنة وبناء محترف للشخصيات. باستثناء دك هالوران طبعا. بت مقتنعة أن كينغ عنصري من الطراز الأول. ويكثر من استخدام تيمة "الزنجي الساحر". هاللوران شخصية هامشية مملة، أحادية البعد وجودها ليس إلا لخدمة الشخصيات البيض. ولا ينسى كينغ إيراد العديد من المسبات العنصرية - الغير ضرورية- في الرواية.
لم يثر اهتمامي موضوع البريق، يبدو لي أنه لم يأخذ استحقاقه في الرواية، كأنها فكرة لما تنضج بعد.
أحب كتابة كينغ. بسيطة وعميقة في آن. ولا أرى في ثرثرته الطويلة العريضة حشوا مملا. استمعت للرواية السنة الماضية، وشاهدت الفيلم الاستثنائي، وتصفحتها الأسبوع الماضي. لقد فتنتني، وزرت الاوفرلوك المرعب في كوابيسي، والمشاعر والذكريات المرتبطة بها لا تنسى بسهولة...
ربما لا يوجد ما يسمى بأصدقاء سوء، ربما لا يوجد سوى أصدقاء فحسب. أشخاص يقفون جوارك عندما تتأذى ويساعدوك ألا تشعر بالوحدة. ربما مثل هؤلاء يستح
[image]
ربما لا يوجد ما يسمى بأصدقاء سوء، ربما لا يوجد سوى أصدقاء فحسب. أشخاص يقفون جوارك عندما تتأذى ويساعدوك ألا تشعر بالوحدة. ربما مثل هؤلاء يستحقون أن يخاف المرء عليهم، ويأمل لمصلحتهم، ويعيش لأجلهم. بل ربما أن يموت في سبيلهم أيضا، إذا كان هذا أمرا لا مفر منه. لا يوجد أصدقاء جيدون. لا يوجد أصدقاء سوء. فقط يوجد أشخاص تريد أن تكون معهم.. تحتاج إلى أن تكون معهم. أشخاص يشيدون منازلهم في قلبك.
هذه رواية عن الصداقة والذكريات والنضج. أما الرعب فيجيء تاليا، هو كالخلفية اللازمة لتحريك الرواية في نظري. يغمرها الحنين للطفولة ونقاوة المشاعر، حيث الحب غير مشروط، ولا تحتاج للتفكير مرتين في الموت في سبيل أصدقائك، لأنهم ببساطة الأفضل. يقاتلون الشياطين ويضحكون. يتعرفون على الفروق بينهم باستغراب. وكل شيء يتحول لنكتة وضحك. عقد الصداقات أسهل وأبسط ويخضع لشروط أقل لا تكاد تذكر مقارنة بسن الرشد.
أنه يتذكر كم أحب بيل دنبروه..لم يكن بيل يسخر قط من نوبات ربوه، لم ينعته بيل قط بالشاذ المخنث الصغير. لقد أحب بيل بالقدر الذي كان سيحب به أخاه الأكبر.. أو أباه. بيل يعرف أشياء لفعلها، وأماكن لارتيادها، وأمورا لرؤيتها. بيل لم يكن شيء يصعب عليه. عندما تركض معب بيل فأنك تركض لتسابق الشيطان وأنت تضحك.. لكن أنفاسك لا تتقطع أبدا، وألا تتقطع أنفاسك لهو أمر عظيم، بل شديد العظمة، هكذا كان إدي يرغب في إخبار العالم. عندما تركض مع بيل الكبير، فأنت تحظى بهأهآتك كل يوم.
الرعب هو نسيانك لكل ماضيك كما حدث لأبطال الرواية. الخوف من المجهول الذي نسيته. نستعيد معهم الذاكرة حدثا فحدثا كقطع بازل يصفها ستيفن بتقديم وتأخير غاية في البراعة. حتى ينفذ صبرك ولما تكتمل عناصر القصة.
الشخصيات
أطفال عاديون، ما جمعهم هو كونهم الضحايا المفضلين لعصبة المتنمرين في المدرسة. شخصيات نادي الخاسرين مكتوبة ببراعة، لكل منهم تاريخه وأبعاده النفسية، مخاوفه وهواجسه. سعى كينغ أن يجمع في نادي الخارسين أغلب أسباب التمييز.
* الشخصيات الأنثوية حضورها قليل في الرواية، وأدوارها سلبية ما عدا بيفرلي مارش. كنت أفضل لو كان في نادي الخاسرين فتيات أكثر بدل أن يكون ناديا للصبيان مع فتاة واحدة تتحول فيه لممثلة الجنس الآخر في أعين أصدقائها اليافعين؛ هذا التركيز الذي سيؤثرعلى دورها في الرواية إلى حد ما.
* مايك هانلون الصبي وأسرته هم الوحيدون من العرق الأسود في البلدة كلها، لا أعلم لكن ماشعرت به طول الرواية أن مايك مقحم على نادي الخاسرين، ليس عضوا أصيلا فيه وكأن كينغ نفسه لا يحبه كالآخرين. خطاب الرواية عنصري نوعا ما، رغم أن المقصود أن تكون من فعل عناصر الشر في الرواية. فمثلا، كل الخاسرين حققوا "النجاح " في حياتهم كراشدين، ما عدا مايك الذي يظل خاسرا لأنه الوحيد الذي بقي في ديري.
* ستانلي يوريس كان يحتاج لعمق أكثر، فقد كان شخصية ورقية نوعا ما تفتقر للتعقيد. أعتقد أنه في فيلم 2019 كان أفضل.
القصة والحبكة
تروي تاريخ بلدة أمريكية، بحميمة كبيرة. ديري، كيف نشأت وكيف ازدهرت، وكيف ذوت بعد ذلك. من سكانها وما الأحداث التي وقعت فيها. إنها احتفال بالمكان بلغ حدوده القصوى. لقد كنت اتتبع الأحداث مع خارطة ديري حتى أجاريها، وصرت عند نهاية الرواية قادرة على رسمها من الذاكرة. هذه البلدة الملعونة.. كل زاوية فيها لها قصة دموية، ولا يمل ستيفن كينغ من الثرثرة عن تاريخها.
* هناك ثرثرة أكثر من اللازم، زادت في طول الرواية كثيرا. لا أنكر أن التفاصيل والقصص داخل القصص أضافت عمقا أكبر وزادت من تعاطفي مع الرواية، لكن ليس لهذا الحد. بالذات قصص الحوادث الكبرى في نهاية دورة الشيء، حريق البلاك سبوت، ومصنع الحديد، وتلك المجزرة في مكان ما؛ إذ ليس لها تأثير على الأبطال ومجرى الأحداث، وإنما فقط تضيف العمق التاريخي. لو اقتصر كينغ على حكيها في عدة أسطر لكفى. كذلك بعض المشاهد مثل أن كلا منهم سيواجه الشيء في جولته في المدينة وتتبعهم واحدا واحدا، لقد صار نوعا من تكرار ممل.
* الحل هو أسوء ما في الرواية بلا منازع، وهو الذي أزهدني فيها بعد كل المتعة والتشوق في الصفحات الألف التي قرأتها. (view spoiler)[أولا مشهد الجنس الجماعي مع بيفرلي في المجاري قبيح جدا ولا يبرر. ما معناه؟! لكي يهتدوا للطريق الصحيح؟! هل كينغ جاد؟! أطفال في سن الثانية عشرة، وجميعهم عذارى. كيف بحق السماء يرغبون في هذه الممارسة الشاذة وفي تلك الظروف الاستثنائية. ولماذا تعرض بيفرلي نفسها لستة صبيان لا تحبهم، ولا ترضى إلى أن يقذفوا جميعهم داخلها! الرحمة! هذا والله غريب! أهذا سلوك أطفال؟ ربما أحد منهم مجنون أو مضطرب لكن هذا التصرف شاذ شذوذا مريعا ولا تقبله النفس الطفلة خصوصا. ربما كينغ كتبه في حالة سكر.
* حقيقة الشيء، الكائن الذي يتغذى على الأطفال والخوف، متنوع التجسيدات، في دورة كل 27 سنة. يمكنني أن أتقبل كل ذلك لأن أغلب قصص الرعب تقوم على هذه الكومة من المسلمات. لكن كون الشيء في النهاية هو كائن أزلي هبط للأرض من نيزك أو شيء من هذا القبيل واستقر في باطن الأرض وساعد في إنشاء ديري. يبدو لي أن كينغ قصد أن الشيء في الحقيقة إله، لو لم يكن الرب نفسه- بالذات "الضياء العتيق" وقدرة الشيء اللامحدودة تقريبا. ثم يكون التجلي الأصلي للشيء هو كيانا عنكبوتيا. هذا التفسير سخيف بصراحة.
*وليس أسخف منه إلا السلحفاة المثيرة للشفقة. لماذا ظهرت ولماذا ماتت؟ هكذا من غير تفسير مقنع؟ السلحفاة هي الأخرى كيان أزلي ظهر مع الشيء. فكأنها تمثل قوى الخير في مواجهة قوى الشر، رغم أنها في الحقيقة أكسل من مواجهته! هل ترمز السلحلفاة للرب والشيء للشيطان؟ تضعف السلحفاة ويستفحل الشيء حتى يقوم الإنسان بهزيمته؟ هل قام كينغ بتمثيل الخير والشر بعنكبوت وسلحلفاة في خضم رواية واقعية نسبيا تتعدى الألف صفحة؟!
* طقش تشود الذي استخدمه الخاسرون في هزيمة الشيء سخيف وغير متناسب مع جدية الرواية وعمقها، كنت سأتقبله لو كانت الرواية من الرعب الرخيص أو موجهة للناشئة. فكل هذا الهراء من انتقالهم لعالم آخر وقتالهم الشيء بالإيمان وبعراك الألسن مثير للملل. (hide spoiler)]
في الفيلم المقتبس من الرواية عام 2018 الجزء الثاني من الشيء، والذي يظهر في ستيفن كينغ، يظهر كما لو كان غير راض عن النهاية، فقد تكرر ذلك أكثر من مرة على لسان الشخصيات تعليقا على رواية بيل الكاتب. وفي الفيلم لم يفقد الخاسرون ذاكرتهم بعد المواجهة الثانية، بعكس الرواية، والذي هو منطقي أكثر، إذ الشيء مات فما القوة التي تحجب ذاكرتهم بعد الآن؟
أفضل الرعب النفسي على الرعب الفيزيائي بعناصر ماوراء طبيعية، وقد نجح كينغ في تصوير رعب شخصياته أيما نجاح، بالإضافة لباقي مشاعرهم كلها. كنت أسمعها قبل أن أنام لليالي متتالية، وأبقتني ساهرة لساعات، ومتوجسة من الظلام. الرواية بديعة، ويمكنها أن تتحول لتحفة لولا كم مشكلة هنا وهناك. تبدو لي كمسودة كتبها كينغ، كأنها الفكرة الأولى ولم تراجع بعهدها، إذ يمكن بمزيد من التفكير والتروي كتابة نهاية أفضل بكثير، أو إيجاز بعض الأجزاء بعد مراجعتها. أفضل لو بقيت حقيقة الشيء غامضة، وسيكون واقعيا أكثر أن لا يتغلبوا عليه إن كان بتلك القوة التي وصف بها.
تدور الرواية حول برنامج ألعاب سنة 2025، في دوستوبيا مرعبة، لكنها ليست بعيدة عن الواقع الذي نعيشه لو تأملت. تحول الميديا أبا مستعدا للتضحية بحياته في ستدور الرواية حول برنامج ألعاب سنة 2025، في دوستوبيا مرعبة، لكنها ليست بعيدة عن الواقع الذي نعيشه لو تأملت. تحول الميديا أبا مستعدا للتضحية بحياته في سبيل إنقاذ طفلته إلى وحش، لا لشيء إلا لتسلية الجماهير واستمرار الإعلانات. نشهد كيف يتحول هذا الرجل المسكين الى وحش بالفعل. تؤثر الميديا على حالاته العقلية، فيغدو غير سوي نفسيا، لتنتهي الرواية بانهياره التام ومحاولته الثورة على البرنامج.
الرواية رائعة، لكن لسوء حظي قرأتها بهذه الترجمة. أنى لبعض المترجمين هذه الجرأة التي تمكنهم من التلاعب بالنص الأصلي كما شاؤوا؟! النسخة الانكليزية أكثر من 300 صفحة، وترجمة الدار العربية للعلوم 285 صفحة. بينما أحمد خالد توفيق اختزلها لأقل من مئتي صفحة بالقطع الصغير- كتيب جيب! وهذا الاختصار أخل بالرواية إلى حد بعيد؛ فجاءت مكثفة سريعة مربكة، سريعة للقراءة لا للفهم. إنه خطأ في تكوين السلسلة، روايات عالمية للجيب، إن كانت تسعى لاختصار الرويات العالمية لكتيبات للمراهقين، بغض النظر عن نبل هدف تقريب الناشئين للأدب العالمي بلغة بسيطة. أنت يمكنك أن تختصر الأدب اللاخيالي، وكلما اختصرت زادت الفائدة ربما. لكن حين نكون بصدد الأدب الخيالي، الرواية، والقصة، والشعر، والمسرحية، فهذا لا يصح، لأن المؤلف قد قصد كل كلمة. حتى وإن كان الاختصار أجود أدبيا في حالات معينة فهذا ليس من حق المترجم، لأنه تصرف جلي في النص. تستفزني هذه الترجمات الظالمة.
لابد أن أقرأ الرواية مجددا يوما ما. أول ما أقرأ لستيفن كينج، ويا لها من بداية مشوقة!...more