اضطررت إلى مغادرة "أرض السواد" -مؤقتاً-، عندما يصلك خطابي هذا، سأكون في "برلين"، حيث تحتم عليّ في الشهر الخامس من عامي هذا أنإلى صديقي القارئ العزيز:
اضطررت إلى مغادرة "أرض السواد" -مؤقتاً-، عندما يصلك خطابي هذا، سأكون في "برلين"، حيث تحتم عليّ في الشهر الخامس من عامي هذا أن أتحقق مما وقع من أحداث للزوجين "آل جفانجل".
يفيد الخطاب الذي وصل للزوجين، أن ابنهما الوحيد، قد مات في الحرب! تلك الصدمة التي تعصف بهما، وتزلزل كيانهما، إلى درجةٍ تجعل الزوجة تتهم زوجها الهادئ أنه يوافق على الحرب وعلى سياسات "الرايخ"! ذلك الأمر الذي سيثيره ويجعل منه صوتاً صارخاً في وجه "الجيستابو"!
يُحيطنا الراوي علماً بسُكان المبنى الذي يقطن فيه الزوجان، فنجد هناك مثلاً القاضي المتقاعد الذي يفاجئنا في كل مرةٍ يظهرُ فيها، كذلك نتعرف على الأسرة التي تقطن الدور الأول، تلك الأسرة الموالية للنظام والتي تحاول أن تثبت ولائها في زمنٍ يمكن فيها للزوجة أن تبلغ عن زوجها خوفاً من الاعتقال!
أما عن الحوش، فيسكنه ذلك الحشرة النكرة، الذي ستكره كما كرهته -أنا- من البداية. هكذا، نتعرف على شخوص حكايتنا. في تلك الأثناء، يقوم الزوجان بنشاط قد يبدو بسيطاً للغاية، ولكنه في غاية الخطورة، فلا تنسى أن تلك الفترة الزمنية كان الناس يُحرقوا لأتفه الأسباب، لمجرد عدم انتمائك إلى الحزب النازي، تكون تحت الشبهات!
بطلُ هذه الرواية، هو زوج هادئ، لا يتكلم كثيراً، شعرت أنه يشبهني كثيراً، خِفت أن تَؤُول حياتي إلى حياته! عاش حياة طويلة مع زوجته دون أن يتعرفوا على بعضهم البعض بالشكل الكافي كزوجين! وحدها تلك السنوات القليلة قربتهما إلى بعضٍ بدرجة عالية.
تدور الرواية حول نشاط الزوجين بشكل خاص، وعن باقي السُكان، بشكل عام. ورغم ضخامة الرواية، إلا أنها سريعة الأحداث، كنت أقرأ يومياً مئة صفحة، دون أن أشعر بالوقت، وفي النصف الثاني من الرواية، كنت أسمع دقات قلبي تتسارع خوفاً وتشويقاً! لا أنكر براعة الراوي في سرد هذه الحكاية، وحتى أن تصل إلى الصفحة الأخيرة ستجد نفسك مازلت تتعرض للمفاجآت والصدمات الغير متوقعة. ستتعاطف مع قضية الزوجين ومع شخصيات أخرى، وستلعن الكثير منهم أيضاً! فبعض البشر لا يستحقوا العيش، ومع ذلك ليس بإمكاننا التخلص منهم.
ربما يكون الصوت الذي نظنه لا يحدث تأثيراً، أقوى بكثير مما نتصور، أذهلتني إحدى صفحات الرواية، عندما عرفت قوة الصوت الذي تصورت أن لا معنى له!
صديقك المخلص،،
ملاحظة: وُجدت هذه الرسالة في إحدى مباني برلين من قِبل رجل مجهول، ترك لنا الرسالة واختفى دون أثر! ...more
يقول محمود درويش: "أجمل ما في الصدفة أنها خالية من الإنتظار"، وفي حالتي هنا، سأقول: لولا أن جائتني هذه الرواية كهدية من صديق عزيز، لما كنت قرأتها أبدايقول محمود درويش: "أجمل ما في الصدفة أنها خالية من الإنتظار"، وفي حالتي هنا، سأقول: لولا أن جائتني هذه الرواية كهدية من صديق عزيز، لما كنت قرأتها أبداً، وهنا يكمن دور الصدفة!
بدايةً، عندما أنظر إلى غلاف الرواية ينتابني شعور أنها رواية فيها الكثير من الصوفية والدروشة، وأنا في حقيقة الأمر لا أميل إلى هذه الأجواء، ولكن في حالتنا هنا، أظن أن الغلاف خادع تماماً، فالرواية هنا، تمتد عبر مئة عام من عُمر عائلة مصرية عادية، تشبهنا كثيراً، وتصور أحوالنا -كمصريين- بدايةً من ثورة 19، حتى سنوات قليلة مضت! وتعرض خلال المئة عام كل الأحداث الهامة التي عصفت بنا وطناً وشعباً، حتى الأحداث التي قد ننساها بمرور الوقت، كغرق "العبارة سالم إكسبريس".
وعلى الرغم، من طول الفترة الزمنية التي تدور فيها الرواية، إلا أن الكاتبة، استطاعت بأسلوب سردي ممتع للغاية، وعن طريق التنقل بين رواة عديدين، أن تطرح كل ما لحق بنا من حوادث وحروب....more
أجاثا كريستي عندها عادة رهيبة وهي إبعاد القارئ عن القاتل بأي شكل. حتى الاكتشاف اللي وصلت له في نصف الرواية وقلت بس هو ده، طلع صح، بس مش ده القاتل بردهأجاثا كريستي عندها عادة رهيبة وهي إبعاد القارئ عن القاتل بأي شكل. حتى الاكتشاف اللي وصلت له في نصف الرواية وقلت بس هو ده، طلع صح، بس مش ده القاتل برده.
دي أول رواية من سلسلة تحقيقات الآنسة ماربل، وعلى سبيل الإعتزاز، وصلتني هدية من صديق....more
أنطونيو تابوكي، مثال حيّ على الكتابة الرايقة، في كل مرة بقرأ له بحس بروقان كده، وحتى في رواياته اللي بتكون بدايتها عادية أو فكرتها قد تبدو عادية، بيقلأنطونيو تابوكي، مثال حيّ على الكتابة الرايقة، في كل مرة بقرأ له بحس بروقان كده، وحتى في رواياته اللي بتكون بدايتها عادية أو فكرتها قد تبدو عادية، بيقلبها في الآخر بشكل غريب وغير متوقع.
في الكتاب ده، بيتخيل مجموعة من الشخصيات اللي هو كان بيحبها، سواء كانوا كُتّاب أو شعراء أو رسامين أو حتى معماريين، وبيشوف لو كانوا ناموا وحلموا بحلم ما، كان هيبقى إيه الحلم ده؟! ورغم إني معرفش من الشخصيات اللي تناولها الكتاب غير ٧ شخصيات من أصل ٢٠ شخصية، لكن حبيت الفكرة، ويمكن العيب الوحيد في الكتاب ده، إن باقي الأشخاص ممكن ميكونوش معروفين لنا بالشكل الكافي، لأن أكيد كنا هنفهم أحلامهم والمغزى منها بشكل أفضل. ...more
على الرغم من حُبي للسفن وللبحار، ظللت لسنوات أحلم بركوب المنطاد، ومشاهدة العالم من السماء، وأن أُحلّق كالطيور. ولكن، لم أنتبه أبداً أن هناك كتباً باستعلى الرغم من حُبي للسفن وللبحار، ظللت لسنوات أحلم بركوب المنطاد، ومشاهدة العالم من السماء، وأن أُحلّق كالطيور. ولكن، لم أنتبه أبداً أن هناك كتباً باستطاعتها أن تجعلنا نُحلّق في السماء دون الحاجة إلى شيء آخر.
تبدأ "آميلي نوثمب" حكايتها بفتاة شابة في التاسعة عشر من عمرها، تسكن في شقة مع زميلة تكبرها بسنوات قليلة، وتفرض سطوتها على تصرفاتها داخل الشقة. وكعادة "نوثمب"، تحكي بذات الحس الساخر اللطيف الذي اعتدناه في رواياتها السابقة. تدرس "إنج" فقه اللغة، وتعلن عن حاجتها للعمل كمعلمة للغة الفرنسية، ويطلب منها رجل "مصرفي" ثري غريب الأطوار أن تساعد إبنه في عُسر القراءة، تبدأ "إنج" دروسها مع المراهق الذي يصغرها بثلاث سنوات، فتجبره على قراءة بعض الأعمال في البداية، حتى يقع المراهق في حب قراءة "إلياذة هوميروس".
تنتهي "إنج" من مساعدة المراهق في عُسر القراءة، ولكن نجد أن الشاب يتعلق بها أكثر ويطلب منها مساعدته حول علاقته بوالده، وبعزلته الافتراضية، ورؤيته للمستقبل المشابه لحياة والده! في هذه الرواية، تطرح "آميلي" عدة أفكار حول المراهقة، وعلاقة الأبناء بآبائهم، وكيف يمكن للأدب أن يُغيّر مصير الفرد حتى لو يدرك أنه يفعل ذلك! حتى تنتهي بنا بنهاية صادمة غير متوقعة! رواية لطيفة قائمة على الحوار، تنتهي منها في جلسة لطيفة، تجعلك تفكر في الكثير من الموضوعات. ...more
لا أذكر أول مرة سمعت فيها عن دولة "تشيلي"، لكني أذكر بالتحديد أول مرة قرأت فيها رواية من تلك البلاد البعيدة، فالأدب دائماً ما يتخطى كل الحدود! ففي نهالا أذكر أول مرة سمعت فيها عن دولة "تشيلي"، لكني أذكر بالتحديد أول مرة قرأت فيها رواية من تلك البلاد البعيدة، فالأدب دائماً ما يتخطى كل الحدود! ففي نهاية أسبوع سعيد، كنت أجلس في منفذ بيع الكتب الصغير داخل نادي الجزيرة، معي رواية واحدة للكاتبة الشهيرة "إيسابيل أييندي"، كانت تلك المرة الأولى التي أقرأ فيها رواية تنتمي إلى دولة تشيلي تلك الدودة الشريطية الطويلة بمحاذاة جبال الإنديز.
وقعت في غرام تلك البلاد الطويلة جداً، ربما أشعار "نيرودا" قد أعملت فيّ ما لم تستطع إيسابيل أن تصنعه. بعدها بسنوات قرأت نوفيلا صغيرة بعنوان "راوية الأفلام" للكاتب إيرنان ريبيرا"، ثم ألحقتها برواية "العصامي". واليوم أكتب لك يا عزيزي عن الثلاثية الروائية الجديدة لنفس الكاتب. ثلاثة روايات لثلاث قرى مختلفة، لا يجمعها سوى مستوطنات الملح في شماليّ البلاد.
في الرواية الأولى، نأخذ جرعة مكثفة من الجَمَال الأدبي، يصل عازف كمان، إلى مستوطنة مهجورة هرباً من قصة حب فاشلة، يواجه رجل عجوز غريب الأطوار، نتعرف على قصته الغريبة، ونرى عندما يضعنا القدر أمام سعادتنا رغماً عنّا. تسير الرواية الأولى بهدوء شديد يصل إلى حد الملل في بعض الأحيان، ولا تعجب إذا أخبرتك أن هذا أكثر ما أعجبني في الرواية! تماماً كهدوء الصحراء، كسفينة في محيط "باريكو" العزيز.
أما الرواية الثانية، فكانت سريعة الأحداث، يصل إلى المستوطنة رجلان وإمرأة -"توليفة" غريبة من الناس- أثناء إضراب العمال عن العمل ومطالبتهم بحقوقهم. ونجد الصدفة مجدداً تأخذ دوراً هاماً في أحداث القصة.
والثالثة والأخيرة، لم أحبها قط، شعرت وكأنها فيلم مصري كلاسيكي، أو كمسرحية مملة، أنهيتها بصعوبة.
أحببت الأولى جداً، أكثر من الأخريات، وإن كنت أجد أن أفضل روايات مستوطنات الملح للكاتب كانت "العصامي". وفي النهاية، كل ما هنالك من عبارات المديح، أرسلها للمترجم العزيز. ....more
في المجلد الثاني، يُكمِل "منيف" حكاية داوود باشا الذي سيطر على بغداد وأعاد إليها الأمان والاستقرار بعد حربه مع البدو وفرض قوته على الجميع. ولكن في هذافي المجلد الثاني، يُكمِل "منيف" حكاية داوود باشا الذي سيطر على بغداد وأعاد إليها الأمان والاستقرار بعد حربه مع البدو وفرض قوته على الجميع. ولكن في هذا المجلد يركز الكاتب على الرعية والناس أكثر من تركيزه على داوود باشا، وعلى أحد قادته. شعرت بالملل في هذا الجزء على عكس الأول. ولكن أكثر ما أعجبني وأسرني هو مشهد مقتل إحدى الشخصيات المهمة، وكيف شعر حصانه به وتأثر بموته، وتأثر والدته وإخوته بهذا الموت الغادر!
إلى المجلد الثالث والأخير من رحلة أرض السواد. ...more
"كما أنه من الجيد أن نُحب، لأن الحب صعب. والحب من إنسان لآخر: ربما يكون أصعب الأشياء التي أُعطيناها، أقصى الأشياء، آخر التجارب والاختبارات، العمل الذي"كما أنه من الجيد أن نُحب، لأن الحب صعب. والحب من إنسان لآخر: ربما يكون أصعب الأشياء التي أُعطيناها، أقصى الأشياء، آخر التجارب والاختبارات، العمل الذي يُعَد كل عمل آخر مجرد إعداد له. لذلك لا يستطيع الشباب، المبتدئون في كل شئ، أن يحبوا: يجب أن يتعلموا الحب. بكل الكيان، بكل قوة مجتمعة حول قلبهم الوحيد، الحزين، النابض إلى العُلى، يجب أن يتعلموا كيف يحبون."
أيامٌ تمضي بلا قراءة، أقرأ سُباعية بروست، وثلاثية أرض السواد لمنيف، ولا أشعر بأي إنجاز يذكر، لا أقول إني أنهيت كتاباً! لذلك اخترت كتاباً صغيراً لعله يجعلني أشعر بنشوة الانتهاء من قراءة كتابٍ ما! فجاء هذا الكتاب الكبير جداً في معانيه، الذي أثقلني بالوحدة اللامتناهية، والحزن الكثيف كالأشجار. عشرة رسائل خطها ريلكه لضابط شاب يكتب الشعر، ويعاني الوحدة والحزن، فجاءت رسائل ريلكه لتدعه يمضي إلى داخل حزنه لعله يتحرر منه. كتاب يقرأ على مهل، ولا يقرأ في جلسة واحدة كما فعلت....more
وصلني نسخة من هذا الكتاب، من صديق عزيز للغاية، قرر أن يضع لي تحدي قراءة، كتاب كل شهر من اختياره. وجاء هذا الكتاب للشهر الرابع من عامنا هذا.
بعد محاولةوصلني نسخة من هذا الكتاب، من صديق عزيز للغاية، قرر أن يضع لي تحدي قراءة، كتاب كل شهر من اختياره. وجاء هذا الكتاب للشهر الرابع من عامنا هذا.
بعد محاولة اغتيال نجيب محفوظ، واصابة يده وعدم قدرته على الكتابة، قرر أن يتوقف عن كتابة مقاله الإسبوعي في الأهرام، إلى أن اقترح عليه سلماوي أن يسجل معه حوارات لتنشر بدلاً من المقالات. وبعد سنوات قام سلماوي بتجميع هذه الحوارات، فخرج إلينا هذا الكتاب الجميل....more
يومٌ آخر، عليّ اللّحاق بقطار السابعة. لكن، هذه المرة لم أجهّز حقيبتي ولا الرواية التي سأقرأها في رحلتي، كل ما أعرفه أني سأقرأ لـ "إسماعيل فهد إسماعيل"يومٌ آخر، عليّ اللّحاق بقطار السابعة. لكن، هذه المرة لم أجهّز حقيبتي ولا الرواية التي سأقرأها في رحلتي، كل ما أعرفه أني سأقرأ لـ "إسماعيل فهد إسماعيل". ولكن أي رواية سأختار؟ أعرف أني على أعتاب قراءة ثلاثية كما أخبرني صديقي من قبل! ولكن أي جزءٍ هو الأول؟ أخذت بشكل عشوائي رواية "الضفاف الأخرى". عليّ اللّحاق بالقطار.
"سافرت كتير معاه، كتير كتير معاه، بأحلامي في هواه... سقيته من حناني، وبنيت معاه أماني، وقلت ياريت يا دنيا تديني عمر تاني..."*
تمشيّت في شارع المديرية، التقطتُ بعض الصور سريعاً. أصل المحطة في موعدي المعتاد، الرصيف نفسه، القطار نفسه، الوحيد المختلف في الأمر هو أنا. لست أنا في كل مرة أسافر فيها إلى نفس الوجهة. أجلس بمفردي، لأقرأ روايتي في هدوء وسلام. في الصفحات الأولى كلمة للمؤلف يَذكرُ فيها أن هذه الرواية تعتبر امتداد لثلاث روايات سابقة! اللعنة، ماذا عليّ أن أفعل الآن؟ اخترت الكتاب الأخير لأقرأه وليس معي بديل ولا معي جهاز الكيندل! ألعن حظي! سأقرأ هذه الرواية واللعنة على كل شيء!
"وصحيت على العذاب، لقيت الفرح غاب... والحب ياعيني داب، أتاري الزمن كداب..."*
في هذا العمل، يُطور الكاتب شخوص رواياته ويجمعهم في قالب سردي واحد، كل الشخصيات التي لم نعرف أسماءها في الماضي، عرفنا من هم الآن، عرفنا حاضرهم ومستقبلهم في الضفاف الأخرى. "فاطمة" ذات الثوب الأزرق بزرقة السماء، سكرتيرة المدير. "الزائر" رئيس السجانين. "كاظم" صاحب الحبل. "حِميدة" السجين لاعب الشطرنج. كلهم مجتمعين في رواية واحدة، رغماً عنهم. يضعنا الكاتب في ورطة جديدة جميلة مع المونولوجات الداخلية للأشخاص وأسلوب تيار الوعي مجدداً! لا مفر من الجَمَال الروائي.
"وقِدرت يا زمان في رحلة النسيان، أنسى اللي كان وأرتاح... وأبعد عن الأحزان، وأبعد عن الأحزان..."*
لم أستطع أن أصنّف هذه الرواية، هل هي أدب ديكتاتورية، أم رواية ثورية، أم رواية تحكي واقعنا الاجتماعي! ربما هي كل ما ذكرت، أحداثٌ تقع في مجتمعاتنا، نعيشُ واقعها ونتأثر بها. كل الأفكار هنا متداخلة، كل المشكلات التي تحدث، تحدث رغماً عنّا! أجلس على رصيف المحطة، أنتظر القطار العائد إلى مدينتي. وأفكر في كل ما حدث لي، هل استحققت كل ذلك؟ يصل القطار، اللعنة على حظي!
"حياتي برمتها كانت سلسلة متصلة من المتاعب والانتكاسات، فهل المفروض بي هذه المرة..." من الرواية.
* العبارات الواردة داخل علامات التنصيص من الكوبليه الرابع والأخير من أغنية "أي دمعة حزن لا"....more
استيقظت باكراً، على غير عادتي في تلك الأيام، عليّ اللّحاق بقطار السابعة. قطعت التذكرة، وتمشيت حتى الرصيف الرابع من المحطة، القطار ينتظر، ربما لم يعتد استيقظت باكراً، على غير عادتي في تلك الأيام، عليّ اللّحاق بقطار السابعة. قطعت التذكرة، وتمشيت حتى الرصيف الرابع من المحطة، القطار ينتظر، ربما لم يعتد الهرب مثلنا! لستُ بهارب، ولكني في مهمة عاجلة وعلى موعد مهم. رنوت إلى النافذة، كانت السماء زرقاء! اخرجت الرواية التي اخترتها بالأمس لتشاركني الرحلة، أو ربما لأشارك الراوي رحلته في الهرب!
"هو يركض، حياته كلها سلسلة من الركض المتواصل. هو هارب. هارب من كل شيء حتى من نفسه."
يبدأ بالراوي بمشهد غامض، هو هارب، يهرب من كل شيء، ليس مني تحديداً، فأنا مجرد شاهد على هروبه. يحكي لحظات حاسمة، حينما انكشفت المجموعة كلها، وأطلق الجـنود عليهم النيران، أصابوا البعض منهم، الراوي يتخبط في خطواته وأفكاره، تارةً يحكي عما حوله من مشاهد، وتارةً أخرى يتذكر حبيبته ذات الثوب الأزرق!
الأفكار متداخلة، لا أعي إذا كنت أحدثك عن الرواية أو أحدثك عن رحلتي بالقطار، السماء صافية اليوم، أرى الحقول الخضراء عبر النافذة، مشاهد الريف على يميني، وأمام عيني أرى الراوي مازال يحاول الهرب! يُساعد الراوي ضابطاً جريحاً، فيعلقان معاً، تجمعهما أحاديث طويلة، بعضها فلسفي، وبعضها عن حياة الراوي الإجتماعية.
"هو لم يبكِ نتيجة الصدمة التي أصيب بها... هو بحاجة إلى من يفهمه..."
وأنا أقرأ هذا العمل، كنت أحسب نفسي أقرأ عملاً كتبه مارسيل بروست، كل الأفكار متداخلة، الكاتب ينقلنا بين المونولوج الداخلي للراوي وبين الحدث الجاري، تتوه أحياناً، ولكنك إذا أمسكت بخيوط العمل، ستتمكن من معرفة أي زمن هو المقصود. وصل القطار إلى محطتي، يتحتم عليّ المغادرة، لست بهارب، ولكن...! ...more
في المجلد الأول من رواية "أرض السواد"، يستعرض "منيف" أحوال بغداد بعد وفاة "سليمان الكبير"، الذي جمع أولاده أصهاره قبل وفاته ليوصيهم بالحكم من بعده. ولفي المجلد الأول من رواية "أرض السواد"، يستعرض "منيف" أحوال بغداد بعد وفاة "سليمان الكبير"، الذي جمع أولاده أصهاره قبل وفاته ليوصيهم بالحكم من بعده. ولكن تقع بينهم خلافات تضطرهم للتنازع على الحكم وقتل بعضهم البعض! حتى يأتي "داوود باشا" لينتصر ويمسك بزمام الأمور في بغداد.
أعجبتني بشدة بداية الرواية، وكيف مهّد منيف لروايته بتلك البداية الرهيبة، كما أعجبني استعراضه لطريقة وسياسة الحكم من وجهة نظر الحاكم والشعب. وكيف تصل أحوال الرّعية إلى السرايا! ...more